التعريف به: هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: الهائم الحيران، القائم العطشان هرم بن حيان، عاش في حبه ولهان حرقًا، وعاد قبره حين دفن ريان غدقًا، وقد قيل: إن التصوف الاحتراق حذار الافتراق والاشتياق لدار الاستباق». مناقبه ومروياته: روي عن مطر الوراق، قال: بات هرم بن حيان العبدى عند حممة صاحب رسول الله ، قال: فبات حممة ليلته يبكي كلها حتى أصبح، فلما أصبح قال له هرم: يا حممة ما أبكاك؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور، فتخرج من فيها، وتناثر نجوم السماء، فأبكاني ذلك، قال: وكانا يصطحبان أحيانًا بالنهار، فيأتيان سوق الريحان، فيسألان الله تعالى الجنة ويدعوان، ثم يأتيان الحدادين، فيتعوذان من النار، ثم يفترقان إلى منازلهما. وروي عن المعلى بن زياد قال: كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته عجبت من الجنة كيف ينام طالبها، وعجبت من النار كيف ينام هاربها، ثم قرأ: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيهِم بَأْسُنَا بَيْنَنَا وَهُمْ نَايِمُونَ﴾ [الأعراف: ٩٧]، ثم يقرأ: ﴿والعصر﴾ [العصر: ١]، و﴿الهَكُمُ﴾ [التكاثر: ١]، ثم يرجع إلى أهله. وروي عن الحسن عن هرم بن حيان العبدي أنه كان يقول: ما رأيت مثل الجنة نام طالبها، ولا مثل النار نام هاربها، قال: وكان يقول: أخرجوا من قلوبكم حب الدنيا، وأدخلوا قلوبكم حب الآخرة. وروي عن الحسن قال: خرج هرم بن حیان وعبد الله بن عامر يؤمان الحجاز، فجعل أعناق رواحلها تخالجان الشجر ؛ فقال هرم لابن عامر : أتحب أنك شجرة من هذا الشجر ؟ فقال ابن عامر : لا والله إنا لنرجو من رحمة الله ما هو أوسع ذلك، قال له هرم وكان أفقه الرجلين وأعلمها بالله: لكني والله لوددت أني شجرة من هذا الشجر قد أكلتني هذه الراحلة، ثم قذفتني بعرًا، ولم أكابد الحساب يوم القيامة، إما إلى الجنة وإما إلى النار، ويحك يا ابن عامر، إني أخاف الداهية الكبرى. وروي عن مالك بن دينار قال استعمل هرم بن حيان؛ فظن أن قومه سيأتونه، فأمر بنار فأوقدت بينه وبين من يأتيه من القوم، فجاءه قومه يسلمون عليه من بعيد؛ فقال: مرحبًا بقومي أدنو، قالوا: والله ما نستطيع أن ندنو منك، لقد حالت النار بينا وبينك، قال: وأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها في نار جهنم، قال: فرجعوا. وروي عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قال هرم بن حيان: اللهم إني أعوذ بك من شر زمان تمرد فيه صغيرهم، وتآمر فيه كبيرهم، وتقرب فيه آجالهم. وروي عن أبي نضرة أن عمر- رضي الله تعالى عنه- بعث هرم بن حيان على الخيل، فغضب على رجل فأمر به فوجئت عنقه، ثم أقبل على أصحابه، فقال: لا جزاكم الله خيرا ما نصحتموني حين قلت ولا كففتموني عن غضبي والله لا ألي لكم عملا، ثم كتب إلى عمر : يا أمير المؤمنين لا طاقة لي بالرعية، فابعث إلى عملك. وروي عن الحسن أن هرم بن حيان كان على بعض تلك المغازي، فاستأذنه رجل وهو يرى أنه يستأذنه لبعض الحوائج، فلحق بأهله فلبث ما لبث ثم جاء؛ فقال له: أين كنت ؟ قال: استأذنتك يوم كذا فأذنت لي، قال: فأردت ذلك لذلك؟ قال: نعم، قال أبو الأشهب فبلغني أنه قال لذلك الرجل قولا شديدا، ولم يكلمه أحد من جلسائه بحيث رأوا غضبه وهو يقول لأخيه ما يقول ؛ فقال لهم: جزاكم الله من جلساء شر، تروني أقول لأخي ما أقول، ولم ينهني أحد منكم عن ذلك، اللهم خلف رجال السوء لزمان السوء.
الرئيسة