التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «فمنهم: حبيب أبو محمد الفارسي من ساكني البصرة، كان صاحب المكرمات، مجاب الدعوات، وكان سبب إقباله على الآجلة وانتقاله عن العاجلة حضوره مجلس الحسن بن أبي الحسن، فوقعت من قلبه فخرج عما كان يتصرف فيه ثقة بالله ومكتفيا بضمانه، فاشترى نفسه من عز وجل، وتصدق بأربعين ألفًا في أربع دفعات تصدق بعشرة آلاف في أول النهار، فقال: يا رب اشتريت نفسي منك بهذا، ثم أتبعه بعشرة آلاف أخرى، فقال: يا رب. هذه شكرًا لما وفقتني له، ثم أخرج عشرة آلاف أخرى، فقال رب إن لم تقبل مني الأولى والثانية فاقبل هذه، ثم تصدق بعشرة آلاف أخرى، فقال رب إن قبلت مني الثالثة؛ فهذه شكرًا لها».
مناقبه ومروياته:
روي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يونس -يعني: ابن محمد قال: سمعت مشيخة يقولون: كان الحسن يجلس في مجلسه الذي يذكر فيه في كل يوم وكان حبيب أبو محمد يجلس في مجلسه الذي يأتيه فيه أهل الدنيا والتجار وهو غافل عما فيه الحسن، لا يلتفت إلى شيء من مقالته إلى أن التفت إليه يوما فقال: أين يبر همی دراید دراید جكويد، فقيل : والله يا أبا محمد يذكر الجنة ويذكر النار، ويرغب في الآخرة ويزهد في الدنيا، فوقر ذلك في قلبه، فقال بالفارسية: اذهبوا بنا إليه، فأتاه فقال جلساء الحسن: يا أبا سعيد، هذا أبو محمد حبيب قد أقبل إليك فعظه، وأقبل عليه فوقف عليه، فقال: أين همى كوى جكوى؟ فقال الحسن: إيش يقول ؟! قال: يقول: هذا الذي يقول إيش يقول ؟ قال: فأقبل عليه الحسن فذكره الجنة وخوفه النار، ورغبه في الخير وزهده في الشر، ورغبه في الآخرة وزهده في الدنيا، فقال أبو محمد أين كوى؟ فقال الحسن: أنا ضامن لك على الله ذلك، ثم انصرف من عنده، فلم يزل في تبديد ماله وشيئه حتى لم يبق على شيء، ثم جعل بعد يستقرض على الله .
وروي عن يونس، قال: جاء رجل إلى أبي محمد فشكى إليه دينا عليه، فقال: اذهب واستقرض وأنا أضمن، قال: فأتى رجلًا فاقترض منه خمسمائة درهم، وضمنها أبو محمد، ثم جاء الرجل، فقال: يا أبا محمد. دراهمي، قد أضرني حبسها، فقال: نعم غدًا، فتوضأ أبو محمد ودخل المسجد ودعا الله تعالى، وجاء الرجل، فقال له: اذهب، فإن وجدت في المسجد شيئًا فخذه قال فذهب فإذا في المسجد صرة فيها خمسمائة درهم فذهب فوجدها تزيد على خمسمائة، فرجع إليه، فقال: يا أبا محمد تلك الدراهم تزيد، فقال: إن كاني راسخت جرب سخت اذهب هي لك -يعني: من وزنها فوزنها راجحة.
وروي عن السرى بن يحيى وغيره عن حبيب أبي محمد أنه أصاب الناس مجاعة فاشترى من أصحاب الدقيق دقيقا وسويقاً بنسيئة، وعمد إلى خرائطه فخيطها، ووضعها تحت فراشه، ثم دعا الله، فجاء أولئك الذين اشترى منهم يطلبون حقوقهم، قال: فأخرج تلك الخرائط قد امتلأت فقال لهم: زنوا، فوزنوا فإذا هو يقوم من حقوقهم.
وروي عن السرى بن يحيى، قال: قدم رجل من أهل خراسان وقد باع ما كان له بها، وهم بسكنى البصرة ومعه عشرة آلاف درهم فلما قدم البصرة وهَمَّ بالخروج إلى مكة هو وامرأته سأل: لمن يودع العشرة آلاف درهم فقيل: الحبيب أبي محمد، فأتاه فقال له: إني حاج وامرأتي، وهذه العشرة الآلاف درهم أردت أن أشتري بها منزلا بالبصرة، فإن وجدت منزلا ويخف عليك أن تشتري لنا بها فافعل وسار الرجل إلى مكة فأصاب الناس بالبصرة مجاعة، فشاور حبيب أصحابه أن يشتري بالعشرة آلاف دقيقا ويتصدق به، فقالوا له: إنها وضعتها لتشتري بها منزلا، فقال: أتصدق..إلخ.
الرئيسة