التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم المفيق من الغرة والمحذر من المضرة والمعرة، المشوق إلى الحبور والمسرة، الربيع بن عبد الرحمن المعروف بابن وبرة».
مناقبه ومروياته:
روي عن محمد بن سنان قال: سمعت الربيع ابن وبرة يقول: ابن آدم إنما أنت جيفة منتنة، طيب نسيمك ما ركب فيك من روح الحياة، فلو قد نزع منك روحك ألقيت جثة ملقاة وجيفة منتنة، وجسدا خاويًا قد جيف بعد طيب ريحه، واستوحش منه بعد الأنس بقربه، فأي الخليقة ابن آدم منك أجهل، وأي الخليقة منك أعجب، إذا كنت تعلم أن هذا مصيرك، وأن التراب مقيلك، ثم أنت بعد هذا لطول جهلك تقر بالدنيا عينًا، أما سمعته يقول: ﴿فَجَعَلْتَهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْتَهُمْ كُلِّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَا يَنتِ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [سبأ: ١٩] أما والله ما حداك على الصبر والشكر إلا لعظيم ثوابهما عنده لأوليائه، أما سمعته يقول جل ثناؤه: ﴿ولَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧] وأما سمعته يقول عز شأنه: ﴿إِنَّمَا يُوَقِّى الصَّبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابِ﴾ [الزمر: ١٠] فها هما منزلتان عظيمتان الثواب عند الله، قد بذلهما لك يا ابن آدم، فمن أعظم في الدنيا منك غفلة؟ أو من أطول في القيامة حسرة؟ إن كنت ترغب عما رغب لك فيه مولاك، وإنك تقرأ في الليل والنهار في الصباح والمساء: نعم المولى، ونعم المصير.
وروي عن يحيى بن أبي كثير، ثنا عباد بن الوليد القرشي، قال: قال الربيع بن وبرة: عجبت للخلائق كيف ذهلوا عن أمر حق تراه عيونهم؟ وشهد عليه معاقد قلوبهم إيمانا وتصديقا بما جاء به المرسلون، ثم هاهم في غفلة عنه سكارى يلعبون، ثم يقول: وأيم الله ما تلك الغفلة إلا رحمة من الله لهم، ونعمة من الله عليهم، ولولا ذلك لألفي المؤمنون طائشة عقولهم، طائرة ،أفئدتهم محلقة قلوبهم لا ينتفعون مع ذكر الموت بعيش أبدا حتى يأتيهم الموت، وهم على ذلك أكياس مجتهدون، قد تعجلوا إلى مليكهم بالاشتياق إليه بما يرضيه عنهم قبل قدومهم عليه ، فكأني والله أنظر إلى القوم قد قدموا على ما قدموا من القربة إلى الله تعالى مسرورين، والملائكة من حولهم يقدمونهم على الله مستبشرين ﴿يَقُولُونَ سَلَامُ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٣٢].
وروي عن داود بن المحبر عن أبيه، قال: مر بنا الربيع بن وبرة، ونحن نسوي نعشا لميت؛ فقال: الغريب بين أظهر كم؟ قلنا: ليس بغريب، بل هو قريب حبيب، قال: فبكى، وقال: ومن أغرب من الميت بين الأحياء، قال: فبكى القوم جميعا.
وروي عن محمد ابن سلام الجمحي قال كان الربيع بن وبرة يقول: نصب المتقون الوعيد من الله أمامهم، فنظرت إليه قلوبهم بتصديق وتحقيق فهم والله في الدنيا منغصون، ووقفوا ثواب الأعمال الصالحة خلف ذلك، فمتى سمت أبصار القلوب إلى ثواب الأعمال، تشوقت القلوب وارتاحت إلى حلول ذلك، فهم والله إلى الآخرة متطلعون بين وعيد هائل ووعد حق صادق، فلا ينفكون من خوف وعيد إلا رجعوا إلى تشوق موعود، فهم كذلك وعلى ذلك حتى يأتي أمر الله، وهم أيضًا مذابيل في الموت جعلت لهم الراحة، ثم يبكي.
الرئيسة