التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: المخبت الورع المتثبت القنع الحافظ لسره الضابط لجهره، المعترف بذنبه، المفتقر إلى ربه أبو يزيد الربيع بن خثيم أحد الثمانية من الزهاد، وقد قيل: إن التصوف مشارفة السرائر، ومصارفة الظواهر».
مناقبه ومروياته:
روي عن عبد الواحد بن زیاد، قال : ثنا عبيد الله بن الربيع بن خثيم قال: ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قال: كان الربيع ابن خثيم إذا دخل على عبد الله بن مسعود لم يكن عليه إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه قال: فقال عبد الله: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله ﷺ لأحبك ، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين.
وروي عن حماد بن أبي سليمان، قال: كان ابن مسعود إذا رأى الربيع بن خثيم قال: مرحبا يا أبا يزيد، ويجلسه إلى جنبه، ويقول: لو رآك رسول الله ﷺ لأحبك.
وروي عن ياسين الزيات قال: جاء ابن الكواء إلى الربيع بن خثيم، قال: دلني على من هو خير منك؟ قال: نعم من كان منطقه ذكرًا، وصمته تفكرًا، ومسيره تدبرًا؛ فهو خير مني.
وروي عن عبد الملك بن عمير، قال: قيل للربيع ابن خثيم: ألا ندعوا لك طبيبا؟ قال: انظروني، فتفكر ثم قال: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَاً وَأَصْحَتبَ الرَّسِ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ۳۸] قال: فذكر حرصهم على الدنيا ورغبتهم، وما كانوا فيها، وقال: قد كانت فيهم أطباء، وكان فيهم مرضى، فلا أرى المداوي بقى، ولا أرى المداوى، وأهلك الناعت والمنعوت، لا حاجة لي فيه.
وروي عن يزيد بن عطاء: علقمة من التابعين، فأما الربيع بن خثيم، فقيل له حين أصابه الفالج لو تداويت؛ فقال: لقد علمت أن الدواء حق، ولكن ذكرت ﴿وَعَادًا وَثَمُودَا وَأَصْحَبَ الرِّسَ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ [الفرقان: ۳۸]، كانت فيهم الأوجاع، وكانت لهم الأطباء؛ فلا المداوى بقي، ولا المداوي، فقيل له: ألا تذكر الناس؟ قال: ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله تعالى في ذنوب الناس، وأمنوا على ذنوبهم ، وقيل له كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا مذنبين نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا، وكان ابن مسعود إذا رآه قال: ﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ [الحج: ٣٨] أما إن محمدا ﷺ لو رآك لأحبك، وكان الربيع يقول: أما بعد فأعد زادك، وخذ في جهادك، وكن وصي نفسك.
وروي عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم أنه قال لأهله: اصنعوا لنا خبيصا، فصنعوا له؛ فدعا رجلا به خبل فجعل يلقمة ولعابه يسيل، فلما ذهب قال أهله : تكلفنا وصنعنا، ما يدري هذا ما أكل؟ فقال الربيع: لكن الله يدري.
وروي عن سفيان، قال: أخبرتني سرية الربيع بن خثيم، كان عمل الربيع كله سرا، إن كان ليجئ الرجل وقد نشر المصحف؛ فيغطيه بثوبه.
وروي عن سفيان عن رجل عن الربيع بن خثيم قال: كل ما لا يبتغي به وجه الله تعالى يضمحل.
وروي عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثني أبي وعمي، قالا: ثنا أبو يزيد الربيع بن خثيم عبد الله بن إدريس عن عمه عن الشعبي، وذكر أصحاب عبد الله ؛ فقال: أما الربيع؛ فأورعهم ورعًا.
وروي عن منذر الثوري، قال: قال الربيع: سورة يراها الناس قصيرة، وأنا أراها طويلة عظيمة يحب الله محبها ليس لها خليط، فأيكم قرأها فلا يجمعن إليها شيئًا استقلالا، وليعلم أنها مجزئة، يعني: سورة الإخلاص.
وروي عن منذر الثوري، قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله، قال: اتق الله فيها علمت وما استؤثر عليك، فكله إلى عالمه؛ لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيرتكم اليوم بخير، ولكنه خير من آخر شر منه، وما تتبعون الخير حق اتباعه، وما تفرون من الناس حق فراره، ولا كل ما أنزل على محمد ﷺ أدركتم، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو ثم يقول: السرائر السرائر اللاتي تخفين من الناس، وهن لله تعالى بواد، التمسوا دواءهن، ثم يقول: وما دواؤهن إلا أن تتوب، ثم لا تعود.
وروي عن بكر بن ماعز، قال: قال الربيع بن خثيم: يا بكر بن ماعز، اخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك، فإني اتهمت الناس على ديني، أطع الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه؛ لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ.
الرئيسة