التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: المعرض عن الأرذل، والباحث على الأفضل، اليمان أبو معاوية الأسود».
مناقبه ومروياته:
روي عن أحمد بن فضيل العكي، قال: غزا أبو معاوية الأسود؛ فحصر المسلمون حصنا فيه علج لا يرمي حجرًا لإنسان إلا أصابه فشكوا إلى أبي معاوية؛ فقرأ: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: ١٧] اشتروني منه، فلما وقف، قال: أين تريدون بإذن الله ؟ قال المذاكير؛ فقال: أي رب، سمعت ما سألوني فأعطني ما سألوني، بسم الله، ثم رمى المذاكير بإذن الله، فمر السهم حتى إذا قرب من حائط الحرس ارتفع حتى إذا أخذ العلج في مذاكيره فوقع، وقال شأنكم به، قال: ومر أبو معاوية يوما فوجد خمس عشرة حبة فول - يعني باقلا مسلوقا - قال: فلقطها، ثم ولى وجهه إلى القبلة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أي رب ارزقني شكر ما رزقتني، فإني لو حمدتك من يوم خلقت الدنيا إلى أن تقوم الساعة ما أديت شكر هذا اليوم.
وروي عن أحمد بن أبي الحواري، قال: قلت لأبي معاوية الأسود: يا أبا معاوية. ما أعظم النعمة علينا في التوحيد نسأل الله أن لا يسلبناه، قال: يحق على المنعم أن يتم على من أنعم عليه.
وروي عن محمد بن إسحاق، ثنا أحمد ابن أبي الحواري سمعت أحمد بن وديع يقول: قال أبو معاوية الأسود: إخواني كلهم خير مني، قيل له: كيف ذاك يا أبا معاوية؟ قال: كلهم يرى الفضل لي على نفسه، ومن فضلني على نفسه فهو خير مني.
وروي عن عبد الله بن داود، سمعت أبي يقول: لما مات علي ابن فضيل خرج أبو معاوية الأسود من طرسوس إلى مكة يعزي أباه فضيل بن عياض ولم يحج حتى رجع؛ فقال فضيل: ما وافى مكة رجل أغبط عندي من أبي معاوية، ولكلب ميت يجر برجله أغبط عندي منه.
وروي عن أحمد بن محمد بن السكن ثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا عبد الصمد بن يزيد، قالا: ثنا أبو بكر بن عبد الرحمن بن عنان العوفي، سمعت أبا معاوية الأسود يقول في جوف كانت الدنيا أكبر همه طال غدًا في القبر غمه، ومن خاف ما بين يديه ضاق ذرعه، خاف الوعيد الها في الدنيا عما يريد، يا مسكين. إن كنت تريد لنفسك فلا تنامن الليل إلا القليل، أقبل من الدين الناصح إذا أتاك بأمر واضح، لا تهتم بأرزاق من تخلف، فلیست أرزاقهم تكلف، وَطِّن نفسك للمقال إذا وقفت بين يدي رب العزة للسؤال، قدم صالح الأعمال عند كثرة الاستعمال بادر ثم بادر قبل نزول ما تحاذر، إذا بلغت روحك التراقي، عنك أحببت أن تلاقي، كأنا بها إذا بلغت الحلقوم، وأنت في سكرات الموت مغموم، إذا انقطعت حاجتك إلى أهلك وأنت تراهم حولك، وقد بقيت مرتهنا بعملك، فالصبر ملاك الأمر، وفيه أعظم الأجر، فاجعل ذكر الله من أجل نياتك، وأملك فيما ينوى ذلك لسانك، ثم بكى أبو معاوية بكاءً شديدا، ثم قال: أوه من يوم يتغير فيه لوني، ويتلجلج فيه لساني، ويقل فيه زادي؛ فقيل: يا أبا معاوية من قال هذا الكلام الحسن الجميل؟ قال حكيم من الحكماء: المساق لعلي بن الفضل.