التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «فمنهم: إمام الحرمين المشهور في البلدين الحجاز والعراقين المستفيض مذهبه في المغربين والمشرقين، مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه، كان أحد النبلاء، وأكمل العقلاء، ورث حديث الرسول، ونشر في أمته علم الأحكام والأصول، تحقق بالتقوى فابتلي بالبلوى».
مناقبه ومروياته:
روي عن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن راشد، قال: سمعت أبا داود يقول: ضرب جعفر بن سليمان مالك بن أنس في طلاق المكره.. وحكى لي بعض أصحاب ابن وهب عن ابن وهب أن مالكًا لما ضرب حلق وحمل على بعير؛ فقيل له: ناد على نفسك، قال: فقال: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، وأنا أقول طلاق المكره ليس بشيء، قال: فبلغ جعفر بن سليمان أنه ينادي على نفسه بذلك؛ فقال: أدركوه أنزلوه.
وروي عن الفضل بن زياد القطان، قال: سألت أحمد بن حنبل: من ضرب مالك بن أنس؟ قال: ضربه بعض الولاة، لا أدري من هو، إنما ضربه في طلاق المكره، كان لا يجيزه فضربه لذلك.
وروي عن المفضل بن محمد الجندي يقول: سمعت أبا مصعب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك.
وروي عن عبد الله بن يوسف عن خلف بن عمرو قال: سمعت مالك بن أنس يقول: ما أجبت في أعلم مني ؟ هل يراني موضعا لذلك؟ سألت ربيعة، وسألت يحيى بن سعيد، فأمراني بذلك؛ فقلت له يا أبا عبد الله ، فلو نهوك؟ قال: كنت انتهي، لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء حتى يسأل من هو أعلم . منه.. قال خلف: دخلت على مالك؛ فقال لي: انظر ما ترى تحت مصلاي أو حصيري؟ فنظرت فإذا أنا بكتاب؛ فقال: اقرأه، فإذا فيه رؤيا رآها له بعض إخوانه ؛ فقال : رأيت النبي الله في المنام في مسجده قد اجتمع الناس عليه؛ فقال لهم: إِنِّي قَدْ خَبَّاتُ لَكُمْ تَحْتَ مِنْبَرِي طيبًا أَوْ عِلْمًا، وَأَمَرْتُ مَالِكًا أَنْ يُفَرِّقَهُ عَلَى النَّاسِ»؛ فانصرف الناس وهم يقولون : إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله ﷺ ، ثم بكى فقمت عنه.
وروي عن إسماعيل بن مزاحم المروزي، وكان من أصحاب ابن المبارك من العباد قال: رأيت النبي لل في المنام؛ فقلت: يا رسول الله، من نسأل بعدك؟ قال: مالك بن أنس.
وروي عن أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبید، حدثني محمد بن الحسين، حدثني مطرف أبو صعب، حدثني أبو عبد الله -مولى الليثيين، وكان مختارا- قال: رأيت رسول الله O في المسجد قاعدًا والناس حوله، ومالك قائم بين يديه، وبين يدي رسول الله ﷺ مسك، وهو يأخذ منه قبضة قبضة، فيدفعها إلى مالك، ومالك ينشرها على الناس، قال مطرف: فأولت ذلك العلم واتباع السُّنَّة.
وروي عن المثنى بن سعيد القصير، قال: سمعت مالك بن أنس يقول: ما بت ليلة إلا رأيت رسول الله .
وروي عن محمد ابن رمح التجيبي يقول: رأيت النبي الله فيما يرى النائم؛ فقلت: يا رسول الله، قد اختلف علينا في مالك والليث؛ فأيهما أعلم؟ قال: مالك ورث حدي، معناه: أي علمي.
وروي عن إسحاق بن موسى الأنصاري، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن قريم الأنصاري - قاضي المدينة - قال: مر مالك بن أنس على ابن حازم يُحدث فجازه، فقيل له: فقال : إني لم أجد موضعا أجلس فيه، فكرهت أن آخذ حديث وهو رسول الله ﷺ وأنا قائم.
وروي عن ابن أبي أويس، قال: كان مالك إذا أراد أن يُحدِّث ،توضأ وجلس على فراشه وسرح لحيته، وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة، ثم حدث، فقيل له في ذلك؛ فقال : أحب أن أعظم حديث رسول الله ، ولا أُحدث به إلا على طهارة متمكنا، وكان يكره أن يُحدث في الطريق وهو قائم أو يستعجل؛ فقال: أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله ﷺ.
وروي عن المفضل بن محمد الجندي يقول: سمعت أبا مصعب يقول: كان مالك لا يُحدث بحديث رسول الله ﷺ إلا وهو على الطهارة إجلالا لحديث رسول الله O.
وروي عن معن بن عيسى يقول: كان مالك بن أنس يتقي في حديث رسول الله ﷺ الباء والتاء ونحوهما.
وروي عن يونس بن عبد الأعلى، قال: قال الشافعي: إذا جاء الأثر كان مالك كالنجم، وقال: مالك وسفيان القرينان.
وروي عن أبي بكر الطرسوسي، قال: سمعت نعيم بن حماد يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : ما بقي على وجه الأرض أحد آمن على حديث رسول الله ﷺ من مالك بن أنس.
وروي عن أبي يونس المدني، قال: أنشدني بعض أصحابنا من المدنيين في مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه: يَدَعُ الجَوَابَ فَلَا يُرَاجِعُ هَيْبَةٌ وَالسَّائِلُوْنَ نَوَاكِسُ الْأَذْقَانِ أَدَبُ الوَقَارِ وَعِزُّ سُلْطَانِ التَّقَى فَهُوَ الْمُطَاعُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ.
وري عن إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا محمود بن غيلان، ثنا أبو داود الطيالسي،
ثنا شعبة، قال: أتيت المدينة بعد موت نافع بسنة، فإذا الحلقة لمالك بن أنس.
وروي عن قتيبة بن سعيد يقول: قدمت المدينة ومالك حي، فتقدمت إلى فامى، فقلت: عندكم خل خمر؛ فقال : يا سبحان الله في حرم رسول الله ﷺ ، قال : ثم قدمت المدينة بعد موت مالك، فذكرت لهم، فلم ينكروا علي سبيل إلى الخروج معك، فإن النبي ﷺ قال: «وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ هُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»، وقال: «المَدِينَةُ تَنْفِي خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ»، وهذه دنانيركم فإن شئتم فخذوه، وإن شئتم فدعوه.