التعريف بهما:
هما أحدا سادات التابعين الكرام قال عنهما أبو نعيم: «ومنهم: الأخوان التوأمان، الفقيهان العابدان علي والحسن ابنا صالح بن حيي، رُزِقًا علما وعبادة، وقناعةً وزهادة».
مناقبه ومروياته:
روي عن وكيع بن الجراح يقول: كان علي والحسن ابنا صالح بن حبي وأمهما قد جزءا الليل ثلاثة
أجزاء، فكان علي يقوم الثلث ثم ينام، ويقوم الحسن الثلث ثم ينام، وتقوم أمهم الثلث، ثم ماتت أمهما فجزا الليل بينهما، فكانا يقومان به حتى الصباح، ثم مات علي فقام الحسن به كله.
وروي عن عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، ثنا محمد بن يحيى الواسطي، ثنا محمد بن بشير، ثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس، قال: كان الحسن بن صالح وأخوه علي، وكان علي يفضل عليه، وكان يقرآن القرآن وأمهما يتعاونون على العبادة بالليل لا ينامون، وبالنهار لا يفطرون، فلما ماتت أمهما تعاونا على القيام والصيام عنهما وعن أمهما، فلما مات علي قام الحسن عن نفسه وعنهما.
وكان يقال للحسن : حية الوادي - يعني: لا ينام بالليل - وكان يقول: إني أستحيي من الله تعالى أن أنام تكلفا حتى يكون النوم هو الذي يصير عني، فإذا أنا نمت ثم استيقظت ثم عدت نائها فلا أرقد الله عيني، وكان لا يقبل من أحد شيئًا فيجيء إليه صبيه وهو في المسجد؛ فيقول: جائع، فيعلله بشيء حتى يذهب الخادم إلى السوق فيبيع ما غزلت مولاته من الليل ويشتري قطنا، ويشتري شيئًا من الشعير، فيجيء به فتطحنه ثم تعجنه، فتخبز ما يأكل الصبيان والخادم، وترفع له ولأهله لإفطارهما، فلم يزل على ذلك نحمدالله .
وروي عن أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: ما رأيت أحدًا الخوف أظهر على وجهه والخشوع من الحسن ابن صالح بن حيي ، قام ليلة ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [النبأ: ١] فغشي عليه، فلم يختمها حتى طلع الفجر.
وروي عن سليمان بن إدريس المقري قال: اشتهى الحسن بن صالح سمكة، فلما أتي بها ومد يده إلى سرة السمكة فاضطربت يده، فأمر به فرفع ولم يأكل منه شيئًا ؛ فقيل له في ذلك؛ فقال: إني ذكرت لما ضربت بيدى إلى بطنها أن أول ما ينتن من الإنسان بطنه، فلم أقدر أن أذوقه.
وروي عن محمد بن عيسى، ثنا أبو نعيم: أن الحسن ابن صالح انتهى إلى أصل حائط فأخذ مدرة فتمسح بها، فدق عليهم الباب؛ فقال: إني أخذت من حائطكم مدرة فتمسحت بها، فاجعلوني في حل.
وروي عن عباد أبو عتبة، قال: بعنا جارية للحسن بن صالح؛ فقال: أخبروهم أنها تنخمت عندنا مرة دما.
وروي عن إسحاق بن خلف قال: دخل الحسن بن صالح السوق وأنا معه، فرأى هذا يخيط وهذا يصنع فبكى، ثم قال: انظر إليهم يعللون حتى يأتيهم الموت.
وروي عن الحجاج، قال: سمعت أبا نعيم يقول: ثنا الحسن بن صالح ، قال : فتشنا الورع فلم نجده في شيء أقل منه في اللسان.
وروي عن عثمان بن أبي شيبة يقول: سمعت حميد بن عبد الرحمن يقول: سمعت الحسن بن صالح يقول: ربما أصبحت وما عندي درهم، وكأن الدنيا كلها قد صيرت لي، وهي في كفي.
وروي عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا محمد بن يحيى الواسطي، حدثني محمد بن داود بن عبد الله قال: سمعت يحيى بن يونس يقول وذكر عنده الحسن بن صالح - فقال: ما أجيء في وقت صلاة إلا أنزل به مغشيا عليه، ينظر إلى المقبرة فيصرخ ويغشى عليه.
وروي عن أحمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن علي الجارود، قال: سمعت علي بن المنذر يقول: سمعت الحسن بن صالح يقول: لما احتضر أخي علي بن صالح رفع بصره، ثم قال: ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّنَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّلِحِينَ وَحَسُنَ أُولَتَبِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩]، ثم خرجت نفسه، قال: فنظرنا إلى جنبه ، فإذا ثقب في جنبه وقد وصل إلى جوفه، وما علم به أحد من أهله.
وروي عن أبي بكر بن خلاد يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعت علي بن صالح يقول: رأيت كأن القيامة قد قامت، فرأيت الناس يجازون بالحسنة عشرًا، ورأيت كأني تصدقت يوما بنصف درهم، وعندي يوم مكتوب لا لي ولا على.