التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: عبد الله بن عبيد بن عمير».
مناقبه ومروياته:
روي عن هارون بن أبي إبراهيم عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: كان من كلامه لا تقنعن لنفسك باليسير من الأمر في طاعة الله عز وجل كعمل المهين الدنيء، ولكن اجهد واجتهد فعل الحريص الحفي، وتواضع الله عز وجل دون الضعف فعل الغريب السبي.
وروي عن هارون عن عبد الله، قال: كان من کلامه الهوى قائد والعمل سائق والنفس حرون، فإن دنا قائدها لم تستقم لسائقها، وإن دنا سائقها لم تستقم لقائدها، ولا يصلح هذا إلا مع هذا حتى يَرِدَا معنا.
وروي عن عبد العزيز بن أبي رواد قال حدثني عبد الله بن عبيد قال العلم ضالة المؤمن يغدو في طلبه، فكلما أصاب منه شيئًا حواه، ويطلب إليه غيره.
وروي عن هارون بن أبي إبراهيم عن عبد الله بن عبيد، قال: لما طعن عمر رحمة الله طعنته التي مات فيها، قال له بعضهم: لو شربت يا أمير المؤمنين لبنًا، فلما شرب اللبن خرج من جرحه، وعلموا أنه شرابه الذي شرب، قال: فبكى وأبكى من حوله، وقال: هذا حين لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع، قالوا: وما أبكاك إلا هذا؟ قال: ما أبكاني غيره.
وروي عن هارون عن عبد الله، قال: بينما الناس يأخذون أعطياتهم بين يدي عمر -رضي الله تعالى عنه - ! إذ رفع رأسه، فنظر إلى رجل في وجهه ضربة، قال: فسأله، فأخبره أنه أصابته في غزاة كان فيها، فقال: عدوا له ألفا، فأعطى الرجل ألف درهم، ثم حول المال ساعة، ثم قال: عدوا له ألفًا، فأعطي الرجل ألفًا أخرى، قال له أربع مرات، كل ذلك يعطيه ألف درهم، فاستحى الرجل من كثرة ما يعطيه فخرج، قال: فسأل عنه، فقيل له: إنا رأينا أنه استحى من كثرة ما أعطي فخرج، فقال عمر: أما والله لو أنه مكث ما زلت أعطيه ما بقي من المال در هم رجل ضرب ضربة في سبيل الله خفرت وجهه.
وروي عن جرير بن حازم قال سمعت عبد الله بن عبيد يقول : كان لأيوب عالم أخوان، فأتياه ذات يوم فوجدا ريحًا؛ فقالا: لو كان علم الله تعالى من أيوب خيرًا ما بلغ به كل ذلك، قال: فما أيوب شيئًا كان أشد عليه من ذلك؛ فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة شبعانًا وأنا أعلم مكان جائع فصدقني، قال: فصدق وهما يسمعان، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم ألبس قميصا قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني، قال: فصدق وهما يسمعان، ثم خَرَّ ساجدًا، ثم قال: اللهم لا أرفع رأسي . حتى تكشف ما بي من الضر؛ فكشف الله تعالى ما به.
وروي عن ابن جرير، ثنا أبي، قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول: بعث سليمان علي إلى مارد من مردة الجن فأتى به فلما كان على باب سليمان أخذ عودًا فذرعه بذراعه، ثم رمى به وراء الحائط، فوقع بين يدي سليمان عايير ؛ فقال: ما هذا؟ فأُخبر بما صنع المارد، فقال: أتدرون ما أراد؟ قالوا: لا، قال: اصنع ما شئت فإنك تصير إلى مثل هذا من الأرض.
وروي عن علي بن الحسن بن شقيق عن الحسين بن واقد عن عبد الله بن عبيد في قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٥]، قال: يعلمون إن تابوا تاب الله عليهم.
وروي عن أبي بكر طلحة بن عمرو عن عبد الله بن عبيد بن عمير في قوله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ [الطور: ٦]، قال: الموقد.
وروي عن الرصافي عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: لا ينبغي لمن أخذ بالتقوى، ورزق بالورع، أن يُذل لصاحب الدنيا.
وروي عن موسى بن مسعود، بن عمار عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - : قال رسول اللهO: «تحاجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ آدَمُ مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرَسَالَتِهِ وَكَلَّمَكَ، فَذَكَرَ قَتْلَ النَّفْسِ، فَقَالَ مُوسَى لِآدَمَ أَنْتَ آدَمُ أَبو النَّاسِ، الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، ثُمَّ عَصَيْتَهُ، فَلَوْلَا مَا صَنَعْتَ دَخَلْتَ وَذُرِّيَتَكَ الْجُنَّةَ، فَقَالَ آدَمُ مُوسَى: تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدْرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ»؛ فقال رسول الله ﷺ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» مرتين.
وروي عن عبد الله بن أبي بدر عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده، قال: كانت في نفسي مسألة قد أحزنتني لم أسأل رسول الله عنها، ولم أسمع أحدا يسأل عنها؛ فكنت أتحينه، فدخلت ذات يوم وهو يتوضأ فوافقته على حالتين، كنت أحب أن أوافقه عليهما، وجدته فارغا طيب النفس، فقلت: يا رسول الله . ائذن لي فأسألك، قال: «نَعَمْ. سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ». قلت: رسول الله. ما الإيمان؟ قال: «السَّمَاحَةُ وَالصَّبْرُ». قلت: فأي المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»، قلت: فأي المسلمين أفضل إسلاما؟ قال: «مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قلت: فأي الجهاد أفضل؟ فطأطأ رأسه وصمت طويلا حتى خفت أن أكون قد شققت عليه، وتمنيت أن لم أكن سألته، وقد سمعته بالأمس يقول: «أَعْظَمُ النَّاسِ فِي الْمُسْلِمِينَ جُزْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ؛ فُحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ». فقلت: أعوذ بالله من غضب الله وغضب
رسوله، فرفع رأسه . وقال: كَيْفَ قُلْتَ؟». قال: قلت: أي الجهاد أفضل؟ قال: «كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ».